سقوط الحق في التظلم من أمر الأداء نتيجة سقوط الأمر الأصلي ذاته (في ضوء المادة 267 مرافعات يمني) ✍️ بقلم المستشار /احمد محمد نعمان محامي وكاتب قانوني سقوط الحق في التظلم من أمر الأداء نتيجة سقوط الأمر الأصلي ذاته (في ضوء المادة 267 مرافعات يمني) ✍️ بقلم المستشار /احمد محمد نعمان محامي وكاتب قانوني
close

📚 سقوط الحق في التظلم من أمر الأداء نتيجة سقوط الأمر الأصلي ذاته 
(في ضوء المادة 267 مرافعات يمني) 

✍️ بقلم المستشار /احمد محمد نعمان محامي وكاتب قانوني
👇👇
مقدمة:
👈 إن انقضاء حق المدين في الطعن على أمر الأداء بالتظلم لا يقتصر مجاله على حالتَيْ فوات الميعاد  للتظلم أو تنازل المدين الإرادي عن هذا الحق بل يمتد ليشمل حالةً جوهريةً أخرى تنتهي به إلى المصير ذاته تتمثل هذه الحالة في سقوط أمر الأداء ذاته وذلك كأثرٍ قانونيٍ يترتب على تقاعس الدائن عن إعلان الأمر للمدين خلال الأجل المحدد قانونا وهو ما نظمته أحكام المادة (267) من قانون المرافعات اليمني الأمر الذي يفقد التظلم محله القانوني الذي يرد عليه.

🌷(أولاً): الأجل القانوني لإعلان أمر الأداء وجزاء إغفاله وفقاً للمادة (267) من قانون المرافعات:
ألزمت الفقرة الأخيرة من المادة (267) من قانون المرافعات اليمني الدائن الذي صدر لمصلحته أمر الأداء بأن يبادر إلى إعلانه مرفقًا به عريضة الطلب التي بُني عليها الأمر إلى المدين وذلك في غضون مدة أقصاها ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ صدور الأمر وقد رتب المشرع اليمني على تخلف الدائن عن القيام بهذا الإجراء خلال المدة المحددة جزاءً بالغ الصرامة إذ نصت المادة المذكورة على أنه: "... وإذا لم يتم الإعلان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر فإن العريضة والأمر الصادر عليها بالأداء تُعد كأن لم يكونا"¹. ويُستفاد من هذا النص أن المشرع قد اعتبر العريضة والأمر كأن لم يكونا بقوة القانون بمجرد انقضاء هذا الأجل دون إعلان صحيح.

(ثانياً) ماهية جزاء "اعتبار الأمر كأن لم يكن" وأبعاده القانونية:
إن جزاء "اعتبار الأمر كأن لم يكن" على نحو ما استقر عليه الفقه القانوني ممثلاً في شروحات كل من الدكتور فتحي والي مؤلفه "الوسيط في قانون القضاء المدني" والدكتور أحمد أبو الوفا في كتابه "إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية" يعني تجريد أمر الأداء وعريضة الطلب من أي قيمة أو أثر قانوني لهما واعتبارهما والعدم سواء ويترتب على ذلك وبقوة النظام زوال كافة الآثار القانونية التي كانت قد ترتبت على صدور الأمر منذ إصداره بما في ذلك الأثر المترتب على تقديم العريضة في قطع مدة التقادم فضلاً عن انعدام حجية الأمر ذاته(²) فمآل الأمر والعريضة في هذه الحالة هو الزوال القانوني التام بمجرد انقضاء مهلة الثلاثة أشهر دون وفاء الدائن بوجب الإعلان.

(ثالثاً): تداعيات سقوط أمر الأداء على الحق في التظلم:
يترتب على سقوط أمر الأداء واعتباره كأن لم يكن كنتيجة حتمية ومقتضى منطقي انعدام الأساس القانوني الذي يمكن أن يرد عليه التظلم إذ لا يتصور قانونًا وعقلاً التظلم من أمر قد تجرد من وجوده القانوني وأضحى في حكم العدم.
وعليه فإن فوات ميعاد إعلان أمر الأداء على النحو الذي رسمته المادة (267) مرافعات وما يستتبعه من سقوط الأمر ذاته هو العائق الجوهري الذي يحول دون إمكانية التظلم منه لاحقًا.
وبناءً على ما سبق فإنه إذا تراخى الدائن في إعلان الأمر إلى المدين إعلانًا صحيحًا خلال المهلة (ثلاثة أشهر) ثم عمد بعد ذلك إلى إعلانه (بعد انقضاء الأجل) فإن هذا الإعلان المتأخر لا ينهض لإحياء أمرٍ قد سقط ولا يترتب عليه بدء سريان ميعاد التظلم ويكون للمدين في هذه الحالة أن يدفع بسقوط الأمر والعريضة لعدم إعلانهما خلال المدة المقررة قانونًا وهو دفعٌ جوهريٌ يواجه به مطالبة الدائن.

(رابعاً): الدفع بجزاء سقوط الأمر وأثره الإجرائي:
خلافًا لميعاد التظلم من أمر الأداء (عشرة أيام) الذي يعد من متعلقات النظام العام فإن جزاء اعتبار الأمر كأن لم يكن بسبب عدم إعلانه خلال مهلة الثلاثة أشهر هو جزاءٌ تقرر لمصلحة المدين خاصة وقد استقر الفقه القانوني المقارن وهو ما يتسق مع مفهوم نص قانون المرافعات اليمني السالف على أن هذا الجزاء ليس من متعلقات النظام العام ويترتب على ذلك ضرورة أن يتمسك المدين بهذا السقوط بنفسه كدفعٍ إجرائي في مواجهة الدائن إذ لا يجوز للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها ويسقط حق المدين في هذا الدفع إذا لم يبده قبل الخوض في موضوع النزاع أو إذا أقر بالأمر صراحةً أو ضمنًا على الرغم من علمه بواقعة تأخر الإعلان(³). 
وقد أوضح الدكتور نجيب الجبلي في مؤلفه "شرح قانون المرافعات اليمني" أن هذا النمط من السقوط (الذي يقع بقوة القانون ولكنه يقتضي تمسكًا من ذي المصلحة) يختلف في طبيعته وأثره عن الدفوع المتصلة بالنظام العام والتي تملك المحكمة إثارتها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى(⁴).

(خامساً):  (وجهة نظر):
إن الجزاء الذي أقرته المادة (267) من قانون المرافعات والمتمثل في اعتبار أمر الأداء وعريضة الطلب كأن لم يكونا في حال عدم إعلانهما للمدين خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر يطرح عدة أبعاد جوهرية تستحق النظر والتأمل في ضوء مقتضيات العدالة ومتطلبات حسن سير الإجراءات القضائية ويمكن إيجاز هذه الأبعاد في النقاط التالية:

١) تحقيق الحماية للمدين الغائب وضمان حقه في العلم:
   مما لا شك فيه أن هذا الجزاء يمثل ضمانة أساسية للمدين الذي قد يصدر الأمر في غيبته دون أن يتحقق علمه به على الوجه المعتبر قانونًا فإلزام الدائن بإعلان الأمر خلال مدة معقولة (ثلاثة أشهر) يهدف في جوهره إلى تمكين المدين من الإحاطة بالدين المطالب به وبالإجراء المتخذ في مواجهته ومن ثم منحه الفرصة الكافية للدفاع عن مصالحه وحقوقه من خلال سلوك طريق التظلم وقد استقر الفقه على أن العلم اليقيني بالخصومة هو الركيزة الأساسية لمبدأ المواجهة العادلة بين الخصوم(⁶) فإهمال إعلان الأمر لمدة طويلة من شأنه أن يعرض المدين لمفاجآت إجرائية غير مقبولة أو لمواجهة تنفيذ أمر لم تتح له الفرصة النظامية للاعتراض عليه.
٢) موازنة مصالح أطراف الخصومة وعبء الإثبات:
   إذا كان هذا الجزاء كما أسلفنا يوفر حماية للمدين فإنه في المقابل يُلقي على عاتق الدائن عبء المبادرة بالإعلان خلال فترة محددة ومع ذلك فإن كون التمسك بهذا الجزاء ليس من النظام العام (وفقًا للرأي الراجح في الفقه المقارن(⁷) والذي يمكن تبنيه في ظل التشريع اليمني) يثير تساؤلاً حول مدى الفعالية الحقيقية لهذه الحماية إذا كان المدين يجهل هذا الحق الإجرائي أو لم يتمكن من إثارته في الوقت المناسب. وقد يكون من الملائم من منظور تحقيق العدالة الوقائية وترسيخ مبدأ استقرار المراكز القانونية أن تتحقق المحكمة (ولو بصفة مبدئية عند نظر أي إجراء لاحق يتعلق بالأمر) من تاريخ الإعلان للتأكد من عدم فوات الميعاد حتى لو لم يتمسك به المدين صراحةً وذلك ضمانًا لعدم السير في إجراءات قضائية بناءً على أمر قد يكون قد سقط قانونًا.
👈 أثر سقوط الأمر على الحق الموضوعي:
   من الأهمية بمكان التأكيد وهو ما يُستخلص من شروحات الفقهاء من أمثال الدكتور فتحي والي والدكتور أحمد أبو الوفا(⁸) على أن اعتبار الأمر والعريضة "كأن لم يكونا" لا يمتد أثره إلى أصل الحق الموضوعي للدائن إذا كان هذا الحق لا يزال قائمًا ولم ينقضِ بالتقادم الموضوعي. فالجزاء هنا ينصبُّ على الإجراء (العريضة والأمر) وليس على الحق ذاته ويظل بإمكان الدائن المطالبة بحقه مجددًا إما بالطريق العادي لرفع الدعاوى أو حتى باستصدار أمر أداء جديد إذا استوفى شروطه بما في ذلك واجب الإعلان خلال الميعاد النظامي.     ويمثل هذا النهج التشريعي توازنًا دقيقًا بين حماية المدين من بقاء الإجراءات معلقة وبين المحافظة على حق الدائن في المطالبة بحقه المشروع.

👈 الإشكاليات العملية المتصلة بإجراءات الإعلان:
   قد تثور في الواقع العملي بعض الصعوبات المتصلة بإثبات تاريخ الإعلان الفعلي أو مدى صحته خاصةً إذا كان المدين يتعمد التهرب من استلام الإعلان وفي هذه الحالات يقع على عاتق المحكمة تقدير مدى جدية محاولات الإعلان التي بذلها الدائن وما إذا كان التأخير في الإعلان راجعًا إلى تقصير من جانبه أم لسبب خارج عن إرادته وإن كان النص القانوني للمادة (267) مرافعات لم يشر صراحةً إلى الأعذار التي قد توقف سريان هذا الميعاد.
👈 إن هذه القاعدة الإجرائية على الرغم من أهميتها البالغة في تحقيق التوازن بين أطراف الخصومة تستدعي وعيًا قانونيًا من جانب المدين بحقوقه الإجرائية ودقةً متناهية من جانب الدائن في متابعة إجراءات إعلان الأمر ويقظةً من المحكمة عند نظر أي نزاع لاحق يتعلق بأمرٍ صدر ولم يُعلن خلال ميعاده المقرر نظامًا.

👈 خاتمة:
إن تراخي الدائن عن الوفاء بواجبه في إعلان أمر الأداء وعريضة الطلب إلى المدين خلال مدة الثلاثة أشهر التالية لتاريخ صدور الأمر يرتب جزاءً إجرائيًا بالغ الأثر يتمثل في اعتبار الأمر والعريضة كأن لم يكونا وذلك بقوة النظام. ويحول هذا السقوط الذي يلحق بالأمر الأصلي دون إمكانية التظلم منه لاحقًا ويُعد هذا الجزاء آلية هامة لحماية المدين من بقاء أمرٍ صادرٍ في غيبته معلقًا إلى أجل غير مسمى دون علمه به ويتطلب تفعيل هذا الجزاء تمسكًا صريحًا من المدين به أمام الجهة القضائية المختصة.

الهوامش:
¹): المادة "267" مرافعات يمني؛ والي فتحي الوسيط في قانون القضاء المدني 2008 ص. 806-807 (مصري).
²): والي ص. 806، 807 (مصري)؛ أبو الوفا أحمد إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية ص. 182، 183 (مصري).
³): والي ص. 807 (مصري)؛ أبو الوفا ص. 183 (مصري).
⁴): الجبلي نجيب أحمد عبد الله شرح قانون المرافعات اليمني 2008 ص. 488 (في معرض حديثه عن جزاء السقوط بشكل عام وحالاته).
⁵):  الجبلي المرجع السابق ص. 488. 
⁶): مبدأ عام مستفاد من شروحات الفقه حول أهمية الإعلان الصحيح لتحقيق المواجهة انظر مثلاً: والي فتحي الوسيط في قانون القضاء المدني ص. 806؛ أبو الوفا أحمد إجراءات التنفيذ ص. 182. 
⁷): والي ص. 807 (مصري)؛ أبو الوفا ص. 183 (مصري)؛ 
⁸): والي ص. 807 (مصري)؛ أبو الوفا ص. 183 (مصري).
Ahmed shahata

سوق الطبيقات 3

مدونة عربيه تهتم بالتقنيه وشروحات السيو، انشائها المبرمج نورالدين العرشاني مصمم مواقع ويب بلغه html ، مدونتنا تقوم بتعديل القوالب وتصميمها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق